بسم الله الرحمن الرحيم
الكنعانيون
. هجرتهم
تعرضت فلسطين لموجة من الهجرات السامية (القبائل المتحدرة من سام بن نوح) منذ فجر التاريخ وحدثت الهجرات السامية نتيجة الجفاف في الجزيرة العربية ، وأولى هذه الهجرات جرت قبل خمسة آلاف عام من ميلاد المسيح .
في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد حدثت الهجرة الأمورية الكنعانية الشهيرة من الجزيرة العربية ، ويذهب باحثون آخرون فيقولون بوجود الكنعانيين ما قبل 7000 عام ، وذلك من خلال تتبع الآثار في مدنهم القديمة وخاصة أريحا: مدينة القمر: أقدم مدينة في العالم.
الكنعانيون أول من سكن فلسطين وأول من بنى حضارة على ارض فلسطين وهم كلهم عرب، وكان (هيرودوتس) الملقب بأبي التاريخ قد حدد ان هجرة الكنعانيين لفلسطين جاءت من الخليج العربي بالتحديد
ب - الأصل والفروع
الكنعانيون والفينيقيون شعب واحد في الأساس لغة ودينا وحضارة، ولكنهما كانا قبائل لم تجمعهما رابطة سياسية الا في أوقات الخطر.
أطلق اليونانيون اسم الفينيقيين منذ القرن 12 ق.م على الكنعانيين الذين بادلوهم التجارة على شاطئ المتوسط (الشاطئ اللبناني السوري اليوم، أما سكان فلسطين من الكنعانيين فقد رفضوا تبديل اسمهم.
يذكر البعض ان "كنع" أو "خنع" كلمة سامية معناها الأرض المنخفضة، والأرجح ان التسمية جاءت نسبة إلى الجد الأول كنعان، وتعني أيضا اللون الأرجواني.
ج - اللغة
اللغة الكنعانية اقرب ما تكون إلى اللغة السامية الأم (اللغة العربية البائدة) ثم انفردت بخصائص معينة ضمن مجموعة كتلة اللغات السامية الغربية التي منها المؤابية والفينيقية. تعد لغة الاموريين والكنعانيين لهجمتين من فروع كتلة اللغة السامية (العربية) السورية فلهجة الكنعانيين شبيهة بلهجة الآموريين لا تختلف عنها أكثر مما تختلف اللهجات الشامية اليوم - من سورية ولبنانية وفلسطينية - بعضها عن بعض.
لم تعرف فلسطين حتى عهد الانتداب البريطاني 1920 سوى لغات ثلاث: الكنعانية أولا، والآرامية ثانيا - وهي اللغة التي تكلم بها السيد المسيح - واللغة العربية ثالثا.
د - الحضارة الكنعانية
كانت البلاد تتألف من دول (ممالك) مدينية مختلفة وكان لكل مدينة ملكها وحكومتها وكهنتها، وعرف الكنعانيون الديمقراطية في صورها البدائية حيث كانت تعقد المؤتمرات في المدن الكبرى عند الضرورة للتداول في الشؤون العامة المشتركة، وكانت البلاد بالنسبة لتلك العصور نظرا لتطورها وحضارتها مكتظة بالسكان الكنعانيين وغيرهم وكان عددهم بحدود ربع المليون.
كان نظام المدن يعتمد على وجود قصر الحاكم من وسط المدينة وحوله البيوت التي تربط بينها شوارع بعضا مسقوفة، وكان اصحب المهنة الواحدة يقيمون في حي خاص بهم، وكان للمدينة ساحة واسعة يجتمع فيها السكان للبيع والشراء والتداول في شؤونهم العامة. كان الكنعانيون شعبا مسالما أكثر من كونهم شعب تحكمه عقلية الحرب، وكانوا مدافعين عن أنفسهم ولم يكونوا مهاجمين، واشتهروا بالزراعة وبرعوا بالتعدين وصناعة الخرف والزجاج والثياب وفي فن العمارة.
يقول المؤرخ ( فيليب حتى) أنه لم يعنى شعب سام بالفن والموسيقى كما عني به الكنعانيون ويصف المؤرخ الكبير ( جيمس هنري بريستد) المدن الكنعانية المزدهرة يوم دخلها الرعاة العبريون بقوله أنها كانت مدنا فيها البيوت المترفة المريحة وفيها التجارة والصناعة والكتابة والمعابد وفيها الحضارة
التي سرعان ما اقتبسها العبريون الرعاة البدائيون، فتركوا خيامهم وقلدوهم في بناء البيوت كما خلعوا الجلود التي ارتدوها في الصحراء وارتدوا الثياب الصوفية الزاهية الألوان، وبعد فترة لم يعد في الإمكان أن يفـرق بيـن الكنعانيين والعبريين بالمظهر الخارجي وباختصار فهم اقتبسوا (؟!) الحضارة الكنعانية