هو عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر القرشي الفهري كنيته: أبو عبيدة وينسب لجده فيقال أبو عبيدة بن الجراح، وأبو عبيدة أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو أمين الأمة.
منزلته:
كان أبي عبيدة ذا منزلة رفيعة وقيمة عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والأمة حتى قال عنه النبي-صلى الله عليه وسلم-: (إن لكل أمة أمينـًا وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح).
كان أبو عبيدة رجلاً زاهدًا، دخل عمر بن الخطاب بيته في الشام فلم يجد شيئـًا من متاع الدنيا فقال له: "كلنا غيرته الدنيا غيرك يا أبا عبيدة".
واجتمع عند عمر جماعة من الصحابة، فقال لهم عمر: "تمنّوا "، فقال رجل: "أتمنى أن لي هذه الدار مملوءة ذهبـًا أنفقه في سبيل الله"، وقال الذي بعده: "أتمنى لو أنها مملوءة لي لؤلؤًا أو زبرجدًا أو جوهرًا أنفقه في سبيل الله"، فقال عمر: "تمنوا"، فقالوا: "ما ندري يا أمير المؤمنين" ! فقال عمر: "ولكني أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح أستعملهم".
وقال عنه عثمان بن عفان (رجلاً بأمة فلم ير مثله).
هجرته وجهاده:
هاجر أبو عبيدة إلى الحبشة الهجرة الثانية، ثم هاجر إلى يثرب.
وكان لأبي عبيدة بن الجراح دور كبير في الجهاد الإسلامي منذ لحظاته الأولى، فقد شهد المشاهد كلها مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فشهد بدرًا، وشهد أحدًا، وأبلى فيها بلاءً حسنـًا، وهو الذي نزع يومها حلقتي المغفر اللتين دخلتا في وجه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما نزعهما سقطت ثنيتاه؛ فأهتم فزاد بهتمه جمالا، فما رؤي رجل أهتم أحسن منه، وشهد بقية المشاهد مع النبي -صلى الله عليه وسلم-. ويوم السقيفة قال أبو بكر: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عمر بن الخطاب، وأبي عبيدة بن الجراح، غير أنهما سارعا وبايعاه خليفة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجعل أبو بكر أبا عبيدة على رأس جيش من الجيوش التي بعث بها إلى الشام، والتي تمكنت من فتح دمشق، ولما تولى عمر بن الخطاب عزل خالد بن الوليد، وولى أبا عبيدة على جيش المسلمين، فلما بلغ ذلك خالدًا قال: (وُلِّي عليكم أمين هذه الأمة)، فقال أبو عبيدة: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن خالدًا لسيف من سيوف الله).
مواقف أبي عبيدة وأعماله:
روى بعض أهل السير أنه لما كان يوم بدر، جعل عبد الله بن الجراح -أبو أبي عبيدة وكان مشركـًا- يتعرض لأبي عبيدة فيعرض عنه أبو عبيدة، فلما أكثر أبوه قصده، قتله أبو عبيدة؛ فأنزل الله تعالى قوله: (لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم...)، وكان الواقدي ينكر هذه القصة، ويذكر أن والده مات قبل الإسلام، ولكن كثيرًا من أهل العلم ردوا قوله.
أقوال أبي عبيدة بن الجراح:
* قال أبو عبيدة: "لوددت أنني كبش، يذبحني أهلي؛ فيأكلون لحمي، ويحسون مرقي".
* وقال: "ألا رب مبيض لثيابه مدنس لدينه، ألا رب مكرم لنفسه، وهو لها مهين، فبادروا -رحمكم الله- السيئات القديمات بالحسنات الجديدات، فلو أن أحدكم عمل من السيئات ما بين السماء والأرض، ثم عمل حسنة؛ لعلت فوق سيئاته حتى تقهرهم"، وفى رواية حتى تغمرهن.
وفاة أبي عبيدة بن الجراح:
لما كان طاعون عمواس رفض أبو عبيدة أن يفارق الشام، وظل معافى هو وأهل بيته من المرض فترة ثم أصابه -رضي الله عنه-، ثم استخلف معاذ بن جبل، وأدركه أجله وهو في الطريق إلى بيت المقدس للصلاة في المسجد الأقصى، فدفن ببيسان سنة ثماني عشرة للهجرة وعمره ثمانٍ وخمسون سنة.