تركيب الذرة وأسس عمل الليزر
في النموذج التقليدي لتركيب الذرة تتكون الذرة في أبسط صورها من نواة ( تحوي في داخلها البروتونات والنيوترونات ) وسحابة من الإلكترونات تدور في مدارات حول النواة ! وبالرغم من أن النظريات الحديثة حول الذرة لا تتنبأ بوجود مدارات منفصلة للإلكترونات ، إلا أنه من المفيد هنا أن ننظر لهذه المدارات بحيث أنها تمثل مستويات مختلفة من الطاقة .
تتم في الذرة عمليات مختلفة تشكّل الأساس لفهم عمل الليزر ، ولذلك لابد من دراسة هذه العمليات بشيءٍ من التفصيل
1) الامتصاص التلقائي Spontaneous Absorption
من المعروف أن الذرات والأيونات والجزيئات تتميز كل منها بكمية محددة من الطاقة ( مستوى طاقة ) . ويسمى المستوى الذي يمتلك أقل طاقة بالمستوى الأول ( Ground State ) وتسمى المستويات ذات الطاقة الأعلى بـ :
مستويات الإثارة ( Excited state )
فإذا امتصت الذرة فوتوناً ( أو فوتونات ) فإن طاقتها تزداد فتنتقل إلى مستوى طاقة أعلى ( مستوى إثارة ) ويكون فرق الطاقة بين المستويين يساوي طاقة الفوتون الممتص .
) الاثبعاث التلقائي :
لا تبقى الذرة المثارة طويلاً في مستوى الطاقة الجديد ، فهي تميل دائماً إلى حالة الاستقرار وتعود بعد فترة زمنية معينة إلى المستوى الأول ( طا1 ) ، وعندما تنتقل هذه الذرة من مستوى الطاقة الأعلى ( طا2 ) إلى مستوى الطاقة المنخفض ( طا1 ) فإنها تطلق فوتوناً طاقته تساوي فرق الطاقة بين المستويين .
ويسمى هذا الانتقال الانبعاث التلقائي ، وتكون فوتونات هذا الانتقال مختلفة في الطور بالنظر لاختلاف مستويات الطاقة التي تنبعث منها وتنبعث في جميع الاتجاهات ، ولا يشترط لحدوث الانتقال أن يكون هناك عدد كبير من الذرات المثارة . وهذا الانبعاث هو أساس شعاع الليزر .
3) الانبعاث المستثار ( المحفّز )
إذا كانت الذرة في مستوى الطاقة الأعلى ( طا2 ) فيمكنها الانتقال إلى مستوى الطاقة المنخفض ( طا1 ) إذا اصطدمت بفوتون ناتج من انبعاث تلقائي بين المستويين ( طا2 ) و ( طا1 ) .
هذا الاصطدام يستثير ( يحفّز ) الذرة في المستوى ( طا2 ) لتنتقل إلى المستوى ( طا1 ) مما يؤدي إلى انبعاث فوتون جديد مماثل لفوتون الانبعاث التلقائي الذي اصطدم بالذرة . ونقصد بكلمة مماثل أن الفوتون الجديد مماثل من حيث الطور والاتجاه والطاقة لفوتون الانبعاث التلقائي الذي اصطدم بالذرة.
يسمى هذا الانبعاث بِـ : الانبعاث المستثار ، وهو يختلف عن الانبعاث التلقائي : لأن طور جميع الفوتونات المنبعثة واتجاهها وطاقتها مطابقة للفوتونات المحفزّة التي سببت هذا الانبعاث . كذلك تتناسب شدة الانبعاث ( المستثار ) مع شدة الاشعاع الكهرومغناطيسي المتمثل بالانبعاث التلقائي .
4) التوزيع أو التعداد المعكوس Population Inversion
لزيادة احتمال الانبعاث المستثار يجب أن يكون عدد الذرات المثارة في المستويات العليا للطاقة أكبر مما هو عليه في المستويات الدنيا للطاقة .
تسمى هذه العملية بالتوزيع أو التعداد المعكوس . وللوصول إلى هذه الحالة تستعمل أنظمة ذرية لها مستويات طاقة وسطية تسمى مستوى طاقة شبه مستقر Metastable state يكون متوسط زمن عمرها طويلاً نسبياً (10 -6 ـ 10 -2 ) ثانية كي تبقى الذرات المثارة فيها لفترة زمنية أطول من فترة وجودها في مستويات الإثارة الأخرى .
ويتم توليد هذه الحالة شبه المستقرة بطرائق تسمى طرائق أو عمليات الضخ .
طرائق الضّخ Pumping techniques :
أ) الضّخ الضوئي Optical Pumping :
يستخدم لهذا النوع مصدر ضوئي عالي الشدّة لتحريض الوسط الفعال ، ودفع ذراته أو جزيئاته لامتصاص الطاقة والانتقال إلى مستويات الطاقة الأعلى ، وتستخدم هذه الطريقة مصابيح مضيئة مثل فلاش الكاميرا خاصة مثل تلك المستخدمة في ليزر الياقوت .
ب) الضّخ الكهربائي Electrical Pumping :
تستخدم هذه الطريقة في ليزر الغاز ، وتتم عن طريق التفريغ الكهربائي ، ولتنفيذ ذلك يوضع الغاز بين قطبين كهربائيين داخل أنبوب التفريغ ، ويطبق عليه فرق جهد عال ، وعندما تتحرك الإلكترونات بين القطبين نتيجة فرق الجهد العالي تصطدم مع ذرات أو جزيئات الغاز مسببة إثارتها وانتقالها إلى مستويات طاقة أعلى
جـ) الضّخ الكيميائي Chemical Pumping :
يكون التفاعل الكيميائي بين مكونات الوسط الفعّال أساس توفير الطاقة لإثارة الذرات في عمل الليزر الكيميائي . وعلى الرغم من الكفاءة المنخفضة لمنظومات الليزر والتي لا تتجاوز في أحسن الأحوال 35% ( ليزر شبه الموصل ) إلا أن الضّخ الكيميائي يوفّر كفاءة عالية جداً قد تصل إلى 200% أو 300% لأن طاقة النواتج قد تفوق وبمقدار كبير الطاقة اللازمة لإحداث التفاعل الكيميائي .