مدينة رام الله والبيرة
الموقع والتسمية
تقع مدينة رام الله والبيرة وسط السلسلة الجبلية الوسطى في فلسطين، وبالتحديد على خط تقسيم المياه الفاصل بين غور الأردن والسهل الساحلي الفلسطيني، وجاء موقع هذه المدينة متوسطا بين منطقة الغور شرقي فلسطين، ومناطق السهل الساحلي، ويظهر هذا الموقع من خلال الأبعاد التي تحكم مدينة رام الله، فهي تبعد 164كم عن أقصى نقطة في شمال فلسطين و25 كلم عن آخر موقع في جنوب فلسطين، كما تبعد بحوالي 67 كم عن شواطئ البحر المتوسط و52 كم من البحر الميت، تقع على خط طول 168 - 171 شرقا ودائرة عرض 144 - 197 شمالا حسب إحداثيات فلسطين .
أما عن تسمية رام الله فقد تضاربت فيه الأقوال إذ عرفت في التوراة باسم أرتا يم صوفيم وذكرها المؤرخ يوسيفوش باسم فكولا ، وقيل جلبات ايلوهم . وقد أثبت الأثريون عدم صحة هذه الأسماء لأن أمكنة الملوك التي نسبت إليهم مثل الملك صموئيل وشاؤول مختلفة عن المدينة الحالية .
إلا أن هناك تفسيرات أقرب إلى الصحة حيث تعني كلمة رام المنطقة المرتفعة، وهي كلمة كنعانية منتشرة في أماكن مختلفة في فلسطين، وأضافت إليها العرب كلمة الله فأصبحت رام الله ، وقد عرفها الصليبيون بهذا الاسم، ولكن الثابت تاريخيا أن قبيلة عربية جاءت في أواخر القرن السادس عشر وسكنت في قرية أو غابه حرجية اسمها رام الله ، أما عن تسمية البيرة فقد كانت تدعى قديماً بتيروت، وأغلب الظن أن الذين بنوها هم الحيثيون قبل الميلاد في الفترة التي بنيت فيها أختها يبوس أي القدس القديمة، وكلمة بتيروت اسم البيرة القديم، وهي كلمة كنعانية ويقول مصطفى الدباغ : البيرة بلدة قديمة تعود بتاريخها الى العرب الكنعانيين، وقد بنيت على موقع مدينة بتيروت عرفت في العهد الروماني باسم بيرة من أعمال القدس، ثم حرف إلى البيرة .
المدينة عبر التاريخ :
اختلف المؤرخون في تحديد البئر الذي ألقى فيه يوسف عليه السلام، وعلى الرغم من هذا الاختلاف فإن موقع البيره الحالي لا يبتعد كثيرا عن هذه التوقعات بسبب وقوعه على طريق القوافل المتجهة من الجنوب إلى الشمال أو بالعكس، وكان هذا الموقع التي كانت تحط بها الرحال طلباً للراحة والاستجمام، وسعياً وراء الطعام والماء، وكان يوجد في البيرة نبع ماء قديم كان معروفا لتلك القوافل ما حفز الأهالي في ذلك الوقت إلى إقامة أكثر من بناء لتزويد المسافرين بحاجاتهم من الطعام لقاء مال أو مبادلة تجارية وقد ذكر الانجيل أن السيد المسيح كان يمر بالبيرة في طريقه إلى الناصرة ومنها إلى القدس ( تخلف مع فتيان البيرة الذين كانوا يلهون ويلعبون على نبع الماء وهكذا ضل عن أمه وعن يوسف النجار، مما اضطرها إلى العودة إلى القدس لكي تبحث عنه) .
عند الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي دخلت البيرة في حوزة المسلمين، وفي سنة 1099 وقعت في أيدي الغزاة الفرنجة قبل احتلالهم لمدينة القدس، وأقاموا فيها فترة من الزمن وكانت مركزاً ممتازاً .
في عام 1187 عبر جنود المسلمين بقيادة صلاح الدين البيرة ومن ثم استطاع صلاح الدين انتزاع القدس من أيدي الصليبين . ثم اصبح للبيرة أهمية كبرى عند العثمانيين حيث كان لها فرقة حاربت ضمن الجيوش العثمانية، ولكن هذه الحروب لم تدم طويلا لأن إبراهيم باشا احتلها ودمرها وأوقع الرعب بين الأهالي وفي أعقاب هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى وقعت البيرة مع باقي فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وشاركت في الثورات الفلسطينية المتعددة مثل ثورة 1921، 1922، 1936 .
أما رام الله فقد سكنت من قبل عشيرة الحدادين في أواخر القرن السادس عشر، وقد تأثرت رام الله بالأحكام الإقطاعية والعشائرية في ظل الحكم التركي حتى أصبحت عام 1902 قضاء وقد تعرضت رام الله كبقية المدن الفلسطينية لحملة إبراهيم باشا الذي واجه ثورة الفلاحين في فلسطين عام 1834 ، وتحالفت قبائل القيسية اليمنية من قضاء رام الله ضده لمحاربته، وتجمعوا ضده بقيادة ناصر المنصور في قرية البيرة ، وتوجه قسم منهم إلى قرية أبو غوش ليقطعوا الطريق على العساكر المصرية الاتيه من يافا إلى القدس ، إلا أن إبراهيم باشا تمكن من هزيمتهم ودخل المدينة واستقبله أهلها بالترحاب. وعامل أهلها معاملة حسنة لأن سياسته كانت استرضاء الأقليات خاصة النصارى . لكي لايعطي عذرا للدول الأوربية للتدخل بحجة حمايتهم .
في عام 1917 دخلت رام الله تحت الانتداب البريطاني بعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى، واشترك أهلها في الثورات الفلسطينية، كإضراب 1936، وعام 1947 ، وبعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1948 دخلت رام الله تحت الحكم الأردني، وبعد احتلال إسرائيل لرام الله في أعقاب حرب الخامس من حزيران عام 1967 دخلت المدينة تحت الحكم الإسرائيلي .
السكان والنشاط الاقتصادي:
يشير الجدول التالي إلى تطور نمو السكان في مدينة رام الله والبيرة من سنة1912 - 1985.
السنة عدد السكان
1912 6000
1922 4582
1931 6578
1945 8000
1952 26225
1961 29269
1967 32781 قبل حرب عام 1967
1967 25171 بعد حرب عام 1967
1982 36089
1985 45500
ويتضح من الجدول السابق أن مدينة رام الله والبيرة شهدت نمواً سكانياً متزايدا على الرغم من تأثرها بالظروف السياسية التي أحاطت بها كباقي المدن الفلسطينية، ففي سنة 1922 بلغ عدد سكانها 4582 نسمة مسجلاً انخفاضا عما كان عليه عام 1912، ويرجع ذلك إلى حركة هجرة شهدتها المدينة في أعقاب الحرب العالمية الأولى، ثم عاد عدد السكان للزيادة ليصل في عام 1945 إلى 8000 نسمة، وفي عام 1952 قفز عدد السكان قفزة كبيرة ليصل إلى 26225 نسمة بسبب هجرة أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين في أعقاب حرب عام1948. وتواصلت الزيادة السكانية لتصل قبل حرب عام 1967 مباشرة إلى 3278 نسمة. انخفض عدد السكان بعد الحرب مباشرة ليصل إلى 25171 نسمة بسبب حركة النزوح التي شهدتها المدينة في أعقاب الحرب .
لقد مارس سكان مدينة رام الله والبيرة العديد من الحرف منذ القدم، منها الزراعة وتربية الماشية حيث زرعوا العنب والتين والزيتون، واشتغل السكان في التجارة حيث تنقل التجار بين المدن والقرى المجاورة، كما اشتغل السكان في الصناعة مثل صناعة الأحذية والملابس والمواد الغذائية والفخار واستمر الحال حتى أوائل القرن العشرين، حيث اتجه السكان إلى الهجرة إلى أمريكا خصوصا الشباب منهم، فأخذت الأموال تتدفق على المدينة ليستثمرها السكان في شراء الأراضي وبناء العقارات لاستغلالها في السياحة، وازدادت حركة التعليم وما أن انتهت الحرب العالمية الثانية حتى وقعت حرب عام 1948 فكان معظم سكان المدينة قد هاجروا إلى أمريكا باستثناء 12% منهم بقوا في المدينة .
من مظاهر النشاط الاقتصادي في رام الله .
الفنادق والمتنزهات (السياحة)
يوجد في رام الله العديد من الفنادق ومن أشهرها فندق رام الله الكبير وفندق قصر الحمراء وفندق ميامي وفندق الحجل، وهناك عدد من المتنزهات وأشهرها منتزه نعوم ومنتزه بلدية رام الله .
الصناعة :
توجد حاليا العديد من الصناعات مثل صناعة الورق الصحي والكرتون والأثاث والمواد الغذائية وعصر الزيتون والصابون والألمنيوم والأدوية والكثير من الحرف اليدوية والتقليدية .
وعموماً فإن مدينة البيرة الحديثة بأبنيتها الحديثة والمناخ الملائم والهواء النقي وتوفر معظم الخدمات الصحية والمؤهلات الصحية واالبيئية وموقعها على قمم الجبال عند التقاء الطرق الرئيسية أهمية مكانة المدينة وقدوم الناس إليها ، وخاصة من الأقطار المجاورة قبل عام 1967م.
أما بالنسبة للزراعة فقد اضمحلت بسبب هجرة السكان للأراضي الزراعية وتحويلها بنايات لتأخذ مكان البيوت القديمة وأصبحت المدينة تعج بمئات المحال التجارية الممتدة .
النشاط الثقافي :
لقد أدرك سكان مدينة البيرة ورام الله أهمية التعليم منذ القدم، حيث أنشئت الكتاتيب لتعليم القراءة والكتابة والقرآن الكريم وأصول الدين، وظل الحال هكذا حتى قامت الدولة العثمانية ببناء مدرسة واسعة عام 1913 ولا تزال غرف هذه المدرسة قائمة، وتمثل جزءاً من المدرسة الهاشمية الثانوية حتى عام 1984 ثم أسست مدرسة الفرندز عام 1912 وباشرت التعليم عام 1919 وكانت مدرسة متميزة، لاقت نجاحاً منقطع النظير وأصبحت محط أنظار الطلاب من أنحاء فلسطين وشرق الأردن.
ثم أسست مدرسة البيرة الثانوية في الوقت الحاضر وهناك العديد من المدارس أهمها:
المدارس الحكومية وتضم خمس مدارس ثلاث للبنين واثنتان للبنات.
مدارس وكالة الغوث وتضم خمس مدارس أيضاً.
أما التعليم في رام الله ، فقد كان أول الأمر في المساجد حيث يتلقى الطلاب العلوم الدينية، واستمر الحال حتى عام 1846 عندما حضر مبشر من طائفة البروتستانت اسمه صموئيل غوبات وأسس خمس مدارس إحداها في رام الله ، وهي مدرسة تبشيرية، بينما كانت الأولى الأرثوذكسية مدرسة وطنية، وظلت مدرسة غوبات مفتوحة حتى قبل الحرب العالمية الأولى، وفي سنة 1857 قدم اللاتين إلى رام الله، وافتتحوا لهم مدرسة لم تعمر طويلا وكان للمدارس السابقة طقوس طائفية، أما عن مدارس الإناث، فقد أسست جماعة الفرندز في عام 1889 أول مدرسة من نوعها للإناث في رام الله. والأولى من نوعها في فلسطين، وكان افتتاح هذه المدرسة حافزاً للروم الأرثوذكس لإنشاء مدرسة للبنات، وحذا حذوهم اللاتين، وفي عام 1901 افتتح الفرندز مدرسة البنين في رام الله.
وفي رام الله اليوم ثلاث مدارس حكومية للذكور ومدرستان للإناث، وبعد عام 1950 افتتحت بعض المعاهد مثل معهد المعلمات الحكومي والحق بالمعهد مدرسة للتطبيقات والتجارب التربوية والتعليم فيها مختلط ، ولوكالة الغوث أربع مدارس للذكور ومدرستان للإناث في رام الله كما يتبع وكالة الغوث مركز لتدريب المعلمين والفتيات وهناك سبع مدارس خاصة مختلطة وثلاث مدارس خاصة للإناث وواحدة للذكور ودار لرعاية الأحداث وكلية بيرزيت التي تحولت إلى جامعة. تعتبر من أهم الجامعات الفلسطينية
كما أن مدينة رام الله تعتبر مركزاً للنشاط الثقافي في الضفة الغربية اذ تمتلئ بالمسارح ودور السينما والمراكز الثقافية، وفيها المعهد الوطني للموسيقى ومجموعة كبيرة من المنتديات الثقافية.
معالم المدينة
وتوجد في البيرة ورام الله العديد من المواقع الأثرية العربية البيوسية، ومن أهم هذه الآثار الكهوف وكلها منحوتة ، وكذلك الآبار الكثيرة والبرك الرومانية أما الآثار الإسلامية فتشمل الجوامع والمقامات مثل الجامع الكبير ومقام الشيخ شيبان ومقام الشيخ يوسف ومن أبرز الآثار الموجودة في البيرة تل النصبة.
أما في رام الله فهناك البناء المعروف بالبرح في حي الشقرة وبناء الخليل .
اعلام المدينة:
ومن شخصيات المدينة:
1- الدكتور فؤاد شطارة : شخصية وطنية فلسطينية كان رئيسا للجمعية العربية ، وهي مؤسسة سياسية تضم الوطنيين العرب في نيويورك، كما كان سكرتيرا للجمعية الفلسطينية لمقاومة الصهيونية في نيويورك .
2- الدكتور خليل طوطح من رجال التربية والتعليم في فلسطين.
3- مغنم الياس مغنم كان من الساسة المعروفين.
4- حنا صلاح أخرج كتاب فلسطين وتجديد سياستها.
5- فرحات يعقوب زيادة أستاذ لغة عربية وله عدة مؤلفات .
6- بولس شحادة صاحب جريدة مرآة الشرق أصدرها في القدس عام 1919.
7- خليل أبو ريا رجل علم وأدب.
8- كريم خلف عمل رئيسا لبلدية رام الله وهو من الشخصيات الوطنية قاوم الاحتلال وكان أحد أعضاء لجنة التوجيه الوطني عام 1985.
9- عبد الله الريماوي مناضل ومفكر سياسي توفي عام 1980.
10- عبد الله حنا نعواس أصدر مع زميله عبد الله الريماوي جريدة البعث توفى عام 1958.
11- خليل محمد عيسى أحد قادة الثورة الفلسطينية الكبرى.
12- محمد صالح البرغوثي أسس الجمعية العربية السرية ثم أسس حزب البعث وأصبح رئيساً له ثم اتجه إلى الحزب الوطني ثم إلى حزب الاستقلال، توفى عام 1970.
13- كمال ناصر (1924-1973) مناضل وسياسي وشاعر فلسطيني شارك في إصدار جريدة (البعث) كما أصدر مجلة الجيل الجديد عام 1949 في القدس . انتخب عام 1969 عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واغتيل من قبل قوة كوماندوز اسرائيلية وهناك قاعة ومسرح يحملان اسمه في جامعة بيرزيت.