} مدخل إلى الأحياء الدقيقة {
* مقدمة :
* على الرغم من أن ليفنهوك قد لا يكون أول من رأى البكتيريا أو الحيوانات الأولية، إلا أنه كان أول من قدم وصفاً دقيقاً لمكتشفاته حيث كان أول من وصف وبالرسم معظم الأنواع التي نعرفها من الكائنات وحيدة الخلية مثل الخميرة والطحالب ووحيدات الخلية الحيوانية والبكتيريا .
* كان لاكتشافات ليفنهوك الأثر الأكبر في اكتشافات العالم الفرنسي لويس باستير الذي اكتشف علاقة الكائنات الدقيقة بعملية التخمير Fermentation . كما قادت أيضاً إلى اكتشاف العالم روبرت كوخ الذي عزل البكتيريا المسببة لمرض السل ومرض الجمرة الخبيثة .
* كما تجدر الإشارة إلى عمل بول أرلخ الذي اكتشف مادة كيماوية يمكنها قتل البكتيريا المسببة لمرض الزهري مما مهد الطريق أمام البحث عن مواد كيماوية أخرى في مجال مقاومة الأمراض .
* دور الأحياء الدقيقة في الطبيعة والزراعة والصناعة :
أ – في التربة : تستطيع الأحياء الدقيقة أن تقوم بإخصاب التربة بسبب تثبيتها للنيتروجين الجوي وتحويله إلى مركبات نيتروجينية تستخدمها النباتات في تكوين البروتين . وتقوم بتحويل المركبات العضوية(المعقدة) إلى مركبات غير عضوية (بسيطة) في التربة لتكون جاهزة للنبات .
ب – في الصناعة : تستطيع الأحياء الدقيقة أن تساهم في إنتاج المواد الصناعية مثل الإنزيمات والأحماض العضوية والكحول وبعض المواد الطبية مثل المضادات الحيوية. وتتحقق الفائدة التجارية من خلال تنمية الأحياء الدقيقة على أوساط زراعية رخيصة التكلفة لإنتاج مواد ذات عائد اقتصادي عال، وهذه الأحياء الدقيقة مشتملة على البكتيريا والخميرة والطحالب والعفن .
ج – في الألبان : تستعمل الأحياء الدقيقة في إنتاج الجبن بأنواعه والزبد ومشتقات الحليب الأخرى .
د – في تنقية الفضلات : استُخدمت الأحياء الدقيقة في تنقية الفضلات المنزلية وذلك بتنميتها في وحدات تجميع الفضلات حيث تقوم الأحياء الدقيقة بهضم وأكسدة المواد العضوية وتحطم الأنواع الضارة من الأحياء الدقيقة . وفي بعض الأحيان يمكن استخدام الفضلات المنزلية بعد تعديلها بفعل الأحياء الدقيقة في تغذية الأسماك والحيوانات البحرية الأخرى .
* يمكن القول بأن الأحياء الدقيقة موجودة في كل مكان، في الهواء الذي نتنفس، وفي الطعام الذي نأكل، وتوجد على أسطح أجسامنا وفي أمعائنا وفي أفواهنا وأُنوفنا، وقد شاءت قدرة الله تعالى أن تكون معظم هذه الأحياء الدقيقة غير ضارة لنا، وفي حالة التعامل مع ما هو ضار لنا تستطيع أجسامنا أن تُكوّن مناعة ومقاومة ضدها .
* تقسيمات الأحياء الدقيقة :
* نحن ندرس في علم الأحياء الدقيقة الكائنات التي تشبه النبات أكثر مما تشبه الحيوان، وهناك أنواع تشارك في صفاتها صفات كل من النبات والحيوان.
* وقد ضُمت البكتيريا للمملكة البدائية التي تُسمى Protista حيث احتوت هذه المملكة على قسمين هما :
* حقيقيات النواة Eucaryota وغير حقيقيات النواة Procaryota . وقد اعتمد هذا التصنيف على الفرق التشريحي الخلوي . فقد وُصف النوع الثاني Procaryota بعدم احتوائه على غشاء نووي محدد يحوي بداخله المواد النووية، ووُصف انقسام الخلية بأنه من الانقسام المباشر Meiosis، وتنظيم جيناتها ليس محدداً بدقة كما هو الحال في الكائنات الأكثر رقياً . وتعتبر البكتيريا والطحالب الخضراء المزرقة Blue-green algae من هذا القسم .
*أما القسم الأول(حقيقيات النواة)يوجد به غشاء نووي و كروموسومات، وتنقسم الخلية بواسطة الانقسام غير المباشر Mitosis ، هذا القسم يحوي الأوليات الحيوانية Protozoa والفطريات Fungi والطحالب Algae (غير الخضراء المزرقة) .
* مجموعات الكائنات الحية الدقيقة :
1- الطحالب Algae : نباتات بسيطة والأولية منها وحيدة الخلية، بينما الطحالب الأخرى تتجمع الخلايا المتشابهة منها على شكل مجموعات بدون فروق في التركيب والوظيفة . وبصرف النظر عن حجم خلايا الطحالب فإنها جميعاً تحتوي على الكلوروفيل ولها القدرة على القيام بعملية التمثيل الضوئي Photosynthesis، وتتواجد الطحالب غالباً في البيئة المائية، أو في التربة الضحلة .
2- البكتيريا Bacteria : عبارة عن خلايا وحيدة مجهرية الحجم، يوجد فيها حوالي 1500 نوع أو أكثر منتشرة في البيئات الطبيعية – وسنتناولها بشيء من التفصيل فيما بعد .
3 - الفطريات Fungi: نباتات خالية من الكلوروفيل وغير قادرة على صنع غذائها لوحدها، تعتبر في العادة كائنات عديدة الخلايا لكن لا تتكون من جذور وسيقان وأوراق . يتراوح حجمها من خلية مفردة مجهرية مثل الخميرة Yeast إلى خلايا متعددة ضخمة مثل المشروم Mushroom .
4 - الأوليات الحيوانية Protozoa : خلايا وحيدة حيوانية، أكثر أنواعها المعروفة تسبب أمراضاً للإنسان وبعض الحيوانات .
5 - الفيروسات Viruses: كائنات أولية دقيقة جداً تمر من خلال المرشحات، طفيليات إجبارية، تسبب أمراضاً للإنسان والحيوان والنبات والبكتيريا، في الأغلب تُشاهد فقط بالمجهر الإلكتروني وقليل جداً منها ما يمكن أن يُرى تحت المجهر الضوئي العادي، تنمو فقط في داخل خلايا الكائنات الحية .
* وسنتناول فيما يلي بعض المعلومات الأساسية حول كل من البكتيريا، والفيروسات على الترتيب :
" بنية الخلية البكتيرية و الصفات الشكلية للبكتيريا "
أولاً : بنية الخلية البكتيرية
تشريح البكتيريا Anatomy of Bacteria
تتركب تركيب الخلية البكتيرية من الأجزاء التالية :
1 - المحفظة Capsule :
* عبارة عن طبقة خارجية من مادة تشبه الجلي تغطي الجدار الخلوي، وتدل الدراسات على أن هذه المحفظة يمكن أن تفقدها البكتيريا دون أن تموت، كما أنها لا توجد في جميع أنواع البكتيريا .
* من وظائف المحفظة حماية الخلية البكتيرية من مهاجمة الفيروسات التي تحطم البكتيريا بعد أن تلتصق بجدارها الخلوي ففي حالة وجود محفظة فإنها تعزل جدار الخلية ولا تسمح باتصال الفيروس به .
2 - جدار الخلية The Cell Wall :
غلاف يحيط بالخلية ووظيفته الرئيسة تغليف الخلية وحمايتها وإعطائها شكلها المحدد الثابت . ومن المركبات الرئيسة في جدار الخلية الأحماض الأمينية والسكريات والدهون،ويتراوح سُمك جدار الخلية البكتيرية ما بين 1 – 25 Mm.
3 - غشاء السيتوبلازم Cytoplasmic Membrane :
* يقع هذا الغشاء تحت جدار الخلية ويغلف السيتوبلازم .
* هو عبـارة عن غشاء رقيق جداً يتراوح سمكه بين 1 – 2 Mm ويمتـاز بخـاصية " النفاذية الاختيارية " حيث يسمح بمرور الماء وبعض المواد الغذائية اللازمة للنمو والنشاط والحيوية دون مواد أخرى .
* يتركب هذا الغشاء من طبقتين من مواد كيماوية تسمى دهون الفوسفات Phospholipids تظهر فيها بعض المركبات البروتينية، يقوم هذا الغشاء ببعض العمليات الحيوية لتحطيم المواد السكرية لإنتاج الطاقة، وذلك بسبب احتوائه على عدد من الإنزيمات الضرورية لذلك .
4 - السيتوبلازم The Cytoplasm :
* يمكن تقسيم المادة الخلوية داخل السيتوبلازم إلى ثلاثة مناطق أو أقسام :
أ – منطقة سيتوبلازمية حبيبية الشكل وغنية بمادة الـ R N A .
ب – منطقة كروماتينية غنية بمادة الـ D N A .
ج – الجزء السائل الذي يحتوي على المواد الغذائية الذائبة .
* توجد بعض الأجسام داخل السيتوبلازم تسمى الريبوسومات Ribosomes تساهم في تكوين البروتين كما توجد مناطق تتجمع فيها حبيبات من مواد مختلفة، وهي تسمى عادة بالحبيبات السيوبلازمية.
5 - النواة The Nucleus :
لا تحتوي الخلية البكتيرية نواة مثل أنوية النباتات والحيوانات الراقية . ولذلك فهي تحوي أجساماً داخل السيتوبلازم والتي تعتبر بمثابة التركيب النووي، وينضم الـ DNA إلى هذه المنطقة ولأن هذه المواد النووية لا تُحاط بغشاء نووي محدد، فقد اصطلح على تسميتها بالأجسام الكروماتينية وتختلف هذه الأجسام عن نواة الكائنات الأرقي بعم احتوائها على غشاء نووي محدد يفصلها عن بقية السيتوبلازم .
6 - تركيبات أخرى :
أ – الأسواط Flagella :
* وهذه هي أعضاء الحركة في البكتيريا وتعرف الأسواط بأنها زوائد خيطية رفيعة جداً وطويلة ومكونة من البروتين، وتتصف الخلية التي تحتوي على أسواط بأنها متحركة Motile والتي لا تحتوي على أسواط توصف بأنها غير متحركة Non motile .
* وتتواجد الأسواط حول الخلية البكتيرية في ترتيبين هما :
1 – الأسواط القطبية Polar flagella : وفي هذه الحالة تكون الخلية محتوية على سوط واحد واقع على أحد قطبي الخلية أو على كلا القطبين .
2 – محيطة بالخلية من جهات أخرى : وتسمى Peritrichous flagella .
* تنشأ الأسواط من داخل السيتوبلازم حيث تُرى مخترقة الغشاء السيتوبلازمي والجدار الخلوي، ومحيطة بالخلية من جهاتها المختلفة .
ب – الأهداب Fimbriae :
* هي عبارة عن زوائد رفيعة جداً وقصيرة جداً وتحيط الخلية من جميع جهاتها، وتتواجد في البكتيريا المتحركة وغير المتحركة، ويعتقد بأن وظيفتها تساعد على الالتصاق بالأجسام، وقد تفيد عملية الالتصاق هذه في تثبيتها في البيئة التي قد تشتق منها غذاءها .
ج – الأبواغ Spores :
* هي عبارة عن أجسام بيضاوية الشكل صغيرة الحجم تتكون عند بعض أنواع البكتيريا القادرة على ذلك في حالة تعرضها لظروف قاسية ووظيفتها المقاومة، فإذا ما تحسنت الظروف تعود الأبواغ لتتحول إلى خلايا خضرية .
* لا تعتبر عملية إنتاج الأبواغ عملية تكاثرية لأنه لا يحدث أية زيادة في العدد . في العادة كل خلية خضرية تنتج بوغاً واحداً، ولكن هناك أنواع من البكتيريا قد تنتج أكثر من بوغ واحد من خلية واحدة . ويمثل البوغ الطور الساكن للخلية البكتيرية .
ثانياً : الصفات الشكلية للبكتيريا
تشتمل الصفات الشكلية للبكتيريا على الصفات التالية :
1 – الشكل :
تتواجد الخلايا البكتيرية على الأشكال الآتية :
أ – الشكل الكروي (الدائري) . ب – الشكل العصوي (الأسطواني) .
ج – الشكل الحلزوني (اللولبي) د – الشكل الضمي (الواوي) وهي خلايا لولبية غير كاملة.
2 – الترتيب :
أ –الخلايا الكروية Cocci : تترتب الخلايا الكروية في خمس ترتيبات هي :
(أ – 1)– العنقودية : وتسمى Staphylococcus ويكون ترتيبها مثل عنقود العنب، أي غير منتظمة.
(أ – 2) – السبحية : وتسمى Streptococcus وقد تكون السلاسل طويلة أو قصيرة .
(أ – 3) – المزدوجة : وتسمى Diplococcus وتكون في هذه الحالة كل خليتين مقابل بعضهما البعض .
(أ – 4) الرباعية : وفي هذه الحالة تكون كل أربع خلايا متجمعة مع بعضها البعض .
(أ – 5) الثمانية: وهنا تكون كل ثمان خلايا متجمعة على شكل مكعبات ثمانية.
ب – الخلايا العصوية Bacilli : في العادة لا يكون للخلايا العصوية ترتيباً منتظماً، ولكن في أحيان نادرة قد تترتب الخلايا العصوية على شكلين : أزواج و سلاسل .
3 – تفاعل البكتيريا مع صبغة الجرام :
قُسمت البكتيريا على أساس تفاعلها مع صبغة جرام إلى قسمين، قسم يتقبل صبغة جرام ويتلون بها ويسمى موجب التفاعل مع صبغة جرام Gram Positive Bacteria،وقسم لا يتقبل صبغة جرام ويتلون بلون الصبغة البديلة، ويسمى سالب التفاعل مع صبغة جرام Gram Negative Bacteria .
4 – الحركة :
* إذا احتوت البكتيريا على أسواط تكون متحركة، وإذا لم تحتوي تكون غير متحركة .
*تنقسم الحركة في البكتيريا إلى نوعين :
(أ) حركة حقيقية وهذه الحركة تؤدي إلى تغيير موضع الخلية .
(ب) حركة اهتزازية براونية موضعية وهنا تبقى الخلية بدون تغيير في موقعها.
5 – وجود الأبواغ :
تعتبر صفة قدرة البكتيريا على إنتاج الأبواغ من الصفات الشكلية للبكتيريا، فإما أن تكون قادرة أو غير قادرة .
6 – وجود الكبسولة :
ليست كل أنواع البكتيريا محتوية على كبسولة (محفظة) ولكن بعضها يحتوي والبعض الآخر لا يحتوي .