نعمة الماء في الحياة
بسم اللة الرحمن الرحيم
لقد أفاض الله تعالى على عباده من النعم ما لا يستطيع أحد لها عدا أو يحيط بها علما قال تعالى (( وءاتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )) سورة إبراهيم 34 وقد دعا الله تعالى عباده إلى التأمل والتفكر فى هذه النعم ليشكروه ويمجدوه على ما أفاض عليهم فقال عز من قائل سبحانه (( ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة )) لقمان 20 والناس أمام هذه النعم مختلفون فمنهم الشاكر الحامد المعترف بفضل الله تعالى عليه وجميل إحسانه منه إليه ، ومنهم المنكر الجاحد ، ومنهم من يعيش كالسائمة لا يأبه بما حوله وربما لا يبصر ما أمامه فعلى المسلم أن يدرك فضل الله تعالى عليه ويكن لمولاه من الحامدين حتى يزده من عطائه وفضله ونعمه (( وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابى لشديد )) إبراهيم 7
وإن من أجل نعم الله تعالى على عباده وأعظمها أثرا في حياتهم بل لا حياة لهم بدونها ، نعمة الماء ، قال الله تبارك وتعالى (( وجعلنا من الماء كل شيءٍ حىٍ أفلا يؤمنون )) الأنبياء 30 فلا حياة بدون الماء فنعمة الماء من أعظم الهبات الإلهية والنعم الربانية وإن الله عز وجل قد تحدث عن الماء فى العديد من آيات القرآن الكريم وساق الحديث عنه فى استعمالات مختلفة وأطلق عليه إطلاقات منوعة فتارة يطلق عليه رزقا قال تعالى (( وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها )) الجاثية 5 أراد الله المطر وتارة يطلق على الماء غيثا فيقول جل وعلا (( وهو الذى ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولى الحميد )) الشورى 28 وتارة يعبر المولى سبحانه وتعالى عن الماء بأنه بُشرى من بشريات رحمته وهو فى حد ذاته رحمة فيقول تعالى (( ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذقكم من رحمته )) الروم 46 فكل هذه وغيرها كثير إطلاقات أطلقها الله تعالى على الماء لتنبيه الغافلين عن هذه النعمة العظيمة ، الذين لا يؤدون شكرها ولا يعرفون حقها وعلينا أخى القارئ الكريم أن ندرك قيمة الماء وأهميته فى الحياة فلا نسرف فيه ولا نسيء استخدامه فهو سر الحياة وسبب لاستمرارها وبقائها فما من شيئ فى هذا الكون يقع عليه بصر الإنسان إلا والماء أصل له أو فى نشأته فلولا الماء لما كان الإنسان وقد قال الله تعالى فى سورة الفرقان 54 (( وهو الذى خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا )) وليس الإنسان فقط بل والأنعام والدواب وهو كل ما يدب على الأرض بل وهذه الأرض التى نعيش عليها ونستمتع بخيرها وطيبها وبما تخرجه من زرع وفاكهة 000 أصل كل هذه النعم ، الماء ، قال الله تعالى فى سورة النور 45 (( والله خلق كل دابة من ماء )) وقال الله تعالى فى سورة عبس من الآية 24 إلى 32 (( فلينظر الإنسان إلى طعامه * أنا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الأرض شقا * فأنبتنا فيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا * وفاكهة وأبا * متاعا لكم ولأنعامكم ))
لقد وصف الله عز وجل الأرض تارة بأنها ميتة وتارة بأنها هامدة وتارة بأنها خاشعة وأخرى بأنها جرز حتى إذا أنزل عليها الماء اهتزت وربت وكانت الخضرة والنضرة والجمال الرائع قال تعالى فى سورة فصلت 39 (( ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذى أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيئ قدير )) وحين أراد لمنطقة البيت الحرام أن تعمر بالناس وتدب فيها الحياة هيأ لها الأسباب ففجر فيها بئر زمزم وجعل الماء يفيض فتوافد الناس على هذا المكان لوجود الماء ولما كان للماء تلك الأهمية القصوى وأنه إذا وجد وجدت الحياة وإذا انعدم انعدمت الحياة وجب المحافظة عليه وعدم الإسراف فيه فكما أن الإسراف فى المال والصحة والعافية حرام فالإسراف في الماء أشد حرمة وأبشع ضررا
إن العلم الحديث رغم تقدمه والمعارف رغم ارتقائها لتقف عاجزة عن إيجاد أو خلق قطرة ماء واحدة فقد حاول العلماء في أرقى المجتمعات أن يكملوا نقص الماء ففشلوا 00 لماذا ؟ وعندهم عناصر الماء موجودة فى الكون ؟ لأن الله تعالى يهبها لعباده فهو سبحانه وحده واهب النعم يقول تعالى (( أفرأيتم الماء الذى تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون * لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون )) الواقعة 68/69/70 وقال تعالى فى آخر سورة الملك (( قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين )) لذلك يقال بعد قراءة هذه الآية الكريمة لا أحد إلا الله
وكما أن الماء سبب الحياة فى الدنيا فإن القرآن الكريم يخبرنا أنه من النعيم الذى ينعم الله تعالى به على عباده المتقين فى الآخرة قال تعالى فى سورة محمد في الآية الكريمة 15 (( مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن )) أى صاف غير متغير ولا منتن ، وكما أن فيه نعيم للمتقين المؤمنين فيه العذاب للكافرين قال تعالى في نفس السورة وفي نهاية نفس الآية (( كمن هو خالد في النار وسقوا ماءً حميما فقطع أمعائهم )) محمد 15 هذه النعمة يحرم منها الكافرون ويتمتع بها المؤمنون يوم القيامة عندما يستغيث أهل الكفر بأهل الإيمان يسألونهم رشفة ماء يذهبون بها ظمأهم فكان الرد فى نهاية الآية الكريمة 50 من سورة الأعراف (( ونادى أصحابُ النار أصحابَ الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين ))
فالماء نعمة من أعظم النعم التى تستوجب الحمد والشكر لله رب العالمين فيجب علينا أن نحسن استخدامه ولا نسرف فيه فالإسراف فيه ولو في العبادة حرام فقد مر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على سيدنا سعد وهو يتوضأ فقال له ( ما هذا السرف يا سعد ؟ فقال وهل في الماء سرف يا رسول الله ؟ قال نعم وإن كنت على نهر جار )
يكوّن الماء حوالي ثلثي سطح الارض ، وهذا ينطبق كذلك على جسم الانسان ، الذي خلقه الله من التراب فقال له كن فكان ، حيث يمثل الماء حوالي ثلثي وزن الانسان ، ويدخل الماء في تركيب جميع الخلايا ، وهو ضروري لحياتها و لبقائها ، و صدق الله العظيم حين قال : " و جعلنا من الماء كل شيء حي " .
و الماء ضروري للعلاج كما هو ضروري للحياة ، و لذلك فهو يستعمل لعلاج كثير من الامراض و المشكلات الصحية ، و كانت هذه الاستعمالات معروفة منذ القدم ، و لا تزال حتى الآن ، مع بعض الزيادات و الاكتشافات الحديثة .
الاستعمالات العلاجية للماء :
• يستعمل الماء لعلاج الحمّى و يكون ذلك بوضع كمادات الماء البارد على جبهة و رأس المحموم ، او الاستحمام عند زيادة الحمى ، ويكون كذلك بزيادة شرب الماء لتعويض المفقود بسبب تبخر الماء عن طريق الجلد بسبب ارتفاع درجة الحرارة .
• ورد عن الرسول صلى الله عليه و سلم الترغيب بشرب ماء زمزم و انها لما شربت له و انها طعام طعم و شفاء سقم .
• يستعمل الماء لعلاج الجفاف الناتج عن فقد السوائل بسبب القيء او الاسهال ، و يكون ذلك عن طريق الفم في الحالات البسيطة ، او عن طريق الوريد في الحالات الشديدة .
• تستعمل الكمادات الحارة الرطبة لعلاج آلام المفاصل و العضلات ، كما تستعمل الكمامات الباردة او الثلج لنفس الغرض .
يستعمل العلاج بالماء لتخفيف الآلام و إعادة التأهيل للمرضى المصابين بآلام شديدة و تيبس في المفاصل ، او بعد الاصابة بالجلطات العصبية ، و يكون ذلك في احواض شبيهة بأحواض السباحة مليئة بالماء الدافئ ، و تستعمل احيانا الذبذبات و الموجات المائية الموضعية للمساعدة على تخفيف الالم .
يستعمل الماء لتنقية الجسم من الشوائب و السموم في الطب البديل ، و ذلك بالامتناع عن الطعام لفترة معينة من الزمن ، يتناول المريض بعدها مقداراً معيناً من الماء ، و تُعمل له حقن شرجية لغسل الامعاء و تنظيفها .
• يفيد الماء في تنقية البشرة و الحفاظ عليها شابة و يكون ذلك بغسل الوجه مرات معدودة كل يوم ، وهذه الذي يقوم بها المسلمون كل يوم أثناء الوضوء .
يستعمل الماء لتخفيف الوزن ، و يكون ذلك بشرب الماء قبل الوجبة للأحساس بالامتلاء ، و الشرب عند الاحساس بالرغبة في تناول الطعام بين الوجبات او عند الرغبة بتناول المشروبات المحلاة او غير الطبيعية كالمنبهات او المشروبات الغازية .
• تستعمل مرطبات الهواء لترطيب الهواء ببخار الماء للتخفيف من الجفاف في الجلد و العينين و الأغشية المخاطية .
تستعمل حمامات الجلوس لعلاج الجروح في منطقة الحوض مثل البواسير و الناسور الشرجي و بعد العمليات الجراحية في منطقة الشرج و بعد الولادة
.
• يستعمل الماء البارد لتخفيف أعراض الحساسية و ذلك يكون بغسل الوجه و العينين لحساسية العينين و الانف ، او الاستحمام بماء بارد لتخفيف الحساسية الجلدية و الشرى .